Friday, January 08, 2010

أحزان ليلة عيد




لكل مننا من العنصرية نصيب ،فإننا نصنف الأشخاص استنادا علي ألوانهم و اتجاهاتهم الدينية و أرائهم الفكرية و اتجاهاتهم الجنسية، علي الرغم من ادعاءاتنا الدائمة بقبولنا للآخر و رفضنا للصور النمطية التي تختزل الأفراد في غطاء للشعر أو لحية أو صليب
فاليوم علي سبيل المثال كنت في مطعم في وسط البلد مع احدي صديقاتي و تصادف وجود مجموعة من السائحين علي الأرجح من أمريكا الجنوبية ، ميزتهم لغتهم الأسبانية و بشرتهم السمراء، لفتت نظري أسورة في يد صبية عليها علم إسرائيل و مكتوب عليها ادعم إسرائيل و عبرت عن ضيقي و سخطي من هذا ، ضحكت صديقتي و قالت تذكري ضيقك من الأفراد الذين يختزلونك في طرحة أو لون بشرة
ليست هذه الحادثة الوحيدة التي برزت فيها نزعاتي العنصرية، فقبل يومين سألتني صديقة لماذا يوم الخميس القادم إجازة رسمية، فأجابت بهدوء : دة عيد المسيحيين و ظهر بهذا الجواب تقسيمي للمصريين علي أساس نحن المسلمين و هم المسيحيين، ابدي باقي أفراد الشلة استيائهم و قالوا : دة 7 يناير عيد الميلاد ، إجازة رسمية يا أستاذة !!!! و باي حال عودت يا عيد

و يا لها من إجازة سوداء ، أتت لتلقي بظلالها الثقيلة و تشعرنا بوحشتنا و تزيد من حدة غيمات الظلام التي تجتاح نهارنا . هالتني أخبار مقتل 7 أفراد في نجع حمادي في عشية عيد الميلاد.
علي الرغم من وقع الحادثة المؤسف إلا أنها تتطابق مع ما سبقها من أحداث عنف طائفي يشعل فتيلها إما لخلاف علي ارض يحاول المسيحيين بناء كنيسة أو لتحول فتاة مسيحية للإسلام لوقوعها في حب شاب مسلم و غيرها من الأسباب الأخرى

هذه المرة أشعل الرماد حادثة اغتصاب لطفلة ، نتج عنها مقتل ستة مسيحيين و مسلم و العديد من الاحتكاكات . دعوني اعبر عن اندهاشي لقيام اغلب التوترات لأسباب تتعلق بالأرض أو العرض ، الملكية الخاصة و الشرف ، و هما شيئان لا يستسيغ المصري التفريط فيهما ، فهما من قبيل المحرمات الواقعة خلف الخطوط الحمراء. فقد يرضخ المصري لشظف العيش أو لقهر الحاكم إلا انه ينتفض ثائرا إذا تم الاعتداء علي ممتلكاته الخاصة،حتى هذه الحالة مشكوك فيها ، و شرفه المتجسد في أجساد نساء عائلته و عشيرته
لم تفاجئني ردود الأفعال، فالحكومة اعتادت التعامل مع أمراضنا العضال بأقراص مسكنة تهدأ الألم و لا تشف المرض، مازال الحكومة تتعامل مع ملف الفتنة الطائفية علي انه ملف امني و حسب منوط برجال الشرطة التعامل معه. و مازالت الحكومة تتجاهل الأصوات المنادية بوقفة مع النفس لتأمل أوضاع المسيحيين و المسلمين معا ، فمازال تقرير جمال العطيفي عن كيفية مواجهة التوترات الطائفية في مصر قابع في أدراج الحكومة و مجلس الشعب ، علي الرغم من انه ناقش هذا الموضوع في السبعينات إبان عه الرئيس أنور السادات . مازال الإعلام الرسمي يسطح و يبسط تعقيدات الأحداث و يلقي باللائمة علي المختليين عقليا أو المطلوبين امنيا و مازال الجميع يتعامل مع أقباط المهجر علي أنهم دعاة فتنة و عملاء و خونة. و مازال الكثير من المصريين يتعاطفون مع مسلمي غزة و يؤازرون مسلمي ماليزيا ، إلا أنهم لا يرهقوا أنفسهم بتفقد وضع مواطنيهم الأقباط و لا يرثوا لحالهم
تزداد وتيرة الأحداث الطائفية و تتسع الهوة يوما بعد يوما و تبقي النيران مشتعلة تحت الرماد. و تتجدد التقارير و تعلو صيحات التحذير ، إلي أي منقلب سننقلب ، أليس منكم رجل رشيد!!! ، الفتنة ليست نائمة و علينا ان نواجهها
الخانكة ، الكشح و ديروط و نجع حمادي ، جروح غائرة تشوه جبين الوطن ، اين سيكون الجرح القادم؟؟ هل من سبيل لإيقاف هذا النزيف ؟؟
فاطمة

Labels: