فنان أفريقيا محمد وردي.. خوجة النوبة صانع النضال والبهجة
في مساء ليلة سبت هادئة في ١٨ فبراير ٢٠١٢، توقفت للحظات إيقاعات نوبية ممزوجة بأتغام سودانية أبهرت ل ٦٠ عاما جمهور أصيل انتجته قارة غنية بمبدعيها، في العاصمة السودانية توقف الايقاع بتوقف دقات قلب محمد وردي فنان أفريقيا الأول آو كما لقبه عشاقه "قمر بوبا" عن عمر يناهز ٧٩ عاما।
ولد «وردي» في أرض النوبة عام ١٩٣٢، قبل أن يفقد والده بعد عشر سنوات، عمل مدرسا في النوبة وأصبح ناشطا نقابيا بعدها أنتقل للعاصمة الخرطوم في نهاية الخمسينات ليمتهن فن الغناء، وليبدأ في صنع مزيج موسيقى فريد جمع بين الات النوبة التي تربي عليها والألحان السودانية، تربى وردي في بيئة إجتماعية مهمشة أخرج منها طابعا موسيقيا قائم علي بث روح نضالية تأخذ من البهجة والإنتصار مرتكزا لرفض الفقر المتعمد والتهميش، ، وفي نفس الوقت ظل عاشق رومانسي يكتب الشباب كلماته في غزل الحبيبة . تعلق وردي بالحركات الاجتماعية والاشتراكية التي إجتاحت العالم في بداية الخمسينات ليعلن عن انحيازه الفكري والموسيقي في أغانيه، ويعبر عن أبناء منطقته بإخلاص موسيقي قبل أن يكون إخلاص أيدلوجي. فدافع بأغانيه عن تهجير النوبيين من منطقة وادي حلفا بسبب بناء السد العالي في عام ١٩٦٤، فكان خصما للرئيس العسكري إبراهيم عبود ومناضلا ضد سياساته حتى أطاحت به ثورة أكتوبر الشعبية في نهاية ١٩٦٤ ، لتظل كل الاحتجاجات في السودان وخارجها ليومنا هذا تردد كلمات أغاني وردي وإيقاعه، فتجد على «اليوتيوب» احتفالات ليبية بتحرير سجناء «أبو سليم» على ايقاعات وردي :
أصبح الصبح… فلا السجن ولا السجان باق
وإذا الفجر جناحان يرفان عليك وإذا الحزن الذي كحًل هاتيك المأقي
ومع سيطرة النميري علي مقاليد الحكم وقف «وردي» في البداية مناصرا أملا في تخطي ظلم النظام السابق، قبل أن يعود سريعا للالتحام بالمعارضة الشعبية السودانية بأغانيه لينتج الكثير من الأغنيات الثورية والنضالية التي ألهبت حماس الحركة الطلابية السودانية والتي بسببها دخل المعتقلات السياسية في عهد النميري، الخطأ والتجربة والانبهار الطفولي بأي تغير كان من سمات حياة «وردي» ليس فقط في الموسيقى ولكن في انحيازاته وتوقعاته، لكن العودة دائما كانت في ثوب أكثر عمقا وتجذير. كالعادة يسقط النميري في ١٩٨٥ ويأتي عمر البشير لإدارة البلاد ليقرر فنان أفريقيا الرحيل في منفى اختياري لمدة ١٣ عاما قضى معظمهم في القاهرة، ظل معهم مغترب الجسد ولكن روحه وإيقاعه تشكل جيل سوداني يحلم بالحرية والعدالة. ولم يتمكن جمهوره في منفاه الإختياري «القاهرة» أن يتعرف عليه وعلى فنه بسبب تجاهل كل وسائل الإعلام لفنان أفرقيا. وعلى الرغم من انه يكفيك مشاهدة احد فيديوهات إبن النوبة في حفلة استاد أديس أبابا الشهيرة لتعلم حجم شعبيته ونجمويته، ولكنه يكمل في إخلاصه الدرامي لمنطقة الميلاد، مهمش منسي لا يتذكره هنا إلا أبناء الطايفة، ليظل شرط الاعتراف بوجودك مقترن بصعودك شمالا أو نزوحك جنوبا.
ذبني وزيد عذابك يمكن قلبي يقسى زي مانساني قلبك يمكن قلبي ينسى
عذبني وتفنن في ألوان عذابي ماتمسح دموعي وما ترحم شبابي
تعامل وردي مع الكثير من الشعراء السودانيين علي رأسهم محمد الفيتوري وعبد الرحمن الريح وعمر الطيب الدوش، وأحتفل في ٢٠١٠ بيوبيله الذهبي في الغناء، بعد أن أستطاع آن يحقق شعبية وصلت لقلب كل عاشق لموسيقى القارة السمراء، و يترك وراءه تراث موسيقي يزيد عن ٣٠٠ عمل غنائي يصعب معه أن نشعر للحظة بأفتقاده، وقفت الموسيقى لحظات للحداد ولكنها سريعا ما عادت لتخلد ذكرى محمد وردي।
تابعوا يوم التدوين عن النوبة في ذكرى التهجير، علي تويتر هاشتاج #نوبة
..........................
بسام مرتضى
12 Comments:
الله يرحمه
Thanks to the effort .. I wish you luck
جددوا موضوعتكم .. رجاءاً :)
شكراااً كتييييييييييير ... على المجهود :)
الجديد .. الجديد .. الموضوعات الجديد فين ؟؟
Je vous remercie .. Sur le sujet
الله يوفقكم..ع المجهود...:)
موفقين .. وعايزيين نشوف الجديد !؟
Allah grant you success ... Where new themes ?!
دوماً موفقين ... وبأنتظار الجديد ..
دومااا موفقين لكل ما هو قيم
Vielen Dank .. Und ich hoffe, Sie Mved Entwicklung und Schreiben von verschiedenen Themen :)
Post a Comment
<< Home