Saturday, August 11, 2007

ماردونا ...مطاريد المجتمع الاخلاقى

منذ مدة وأنا أنوى الكتابة عن مطاريد المجتمع الأخلاقي النقي المهذب .هذا المجتمع الذي سيطر بشكل ضخم على كل أشكال الاعلام فى العالم تقريبا وأصبح الالتزام بمعاييره هو المفتاح السحرى لبقاء اى رمز دون مساس به او بتاريخه فعلى اى نجم ان يتشكل على هذا النموذج حتى يكون هو البطل المثالى المطلوب للعالم ..ولكن ظهر متمردين كثيرين على هذا النموذج واستطاعا أن يدمرا هذه القيم العالمية عن الاخلاق والاحترام وبسبب هذا التمرد تمت محاربتهم بكل الطرق وتكاتفت كل الايادى الأخلاقية في العالم واتبعت أكثر الطرق حقارة وخسة لإسقاط نجوم التمرد

البداية ستكون مع احد اهم المطاريد انه الأرجنتيني ماردونا امهر لاعب كرة قدم أنجبه العالم انه الساحر القصير ذو الكرش الدائري البارز . الفلتة الوحيدة الحقيقية فى عالم كرة القدم فدعونا نتذكر هذا الإبداع فى الثمانينات لهذا الأرجنتيني الثائر انه يمر ويدور ويراوغ ويسجل انه فريق بالكامل أتذكره عندما طار في الهواء ووضع الكرة بيده في المرمى ليخدع الحكم وبعد المباراة يصرح ماردونا بانها كانت " يد الله " وهنا بدأت الازمات الحقيقية لماردونا مع العالم الاخلاقى فمنذ هذا التصريح وبدأ السادة المحترمين في الانتقام من الذي أهان ألهتنا وبدأ يظهر لهم إن ماردونا ليس هو النموذج الصالح لاطفال العالم وكل هذا اللغو الفارغ مثل انه مخادع وقليل التربية..ولكن استمرار ماردونا في الإبداع ليسرق قلوب بسطاء العالم ويتحول لرمز جماهيري رغما عن محترمي العالم الذين يسيطرون على الأعلام والثقافة . انطلق ماردونا حتى يدخل فى ازمات المخدرات فالشاب الارجنتينى اصبح يملك الكثير من الاموال واصبح المعشوق الاول لجماهير نابولى الايطالية حتى أن اللاعب الايطالى مالدينى اكد انهم انهزمو امام الارجنيتين فى كاس العالم 90 بايطاليا لانهم لعبو فى نابولى فكانو يلعبون فى ديار ماردونا وليس فى ايطاليا , كان من المنطقى ان يكون عمدة نابولى مستمتع بكل مافيها من خيرات من هواء لماء لوجه حسن ...وهنا زاد غيظ السادة المحترمين فاستطاعو ان يسقطو ماردونا فى قضية تعاطى ثم تلتها القضايا ولكن ذلك لم يمنع ماردونا من العودة فى كأس العالم 94 ويحرز هدف جميلا ويصرخ فى وجه الجميع امام الكاميرات ويعلن عن عودته ولكن يتكاتف قادة العالم من جديد للاطاحة بماردونا قبل ان يكمل مباريات فريقه بحجة تناول مواد ممنوعة ويقول مارونا عن ذلك ان رئيس الاتحاد الدولى كان فى تلك الفترة برازيلي وكان فى نهاية فترته فقرر الرحيل ومعه كاس العالم لبلده ثم توالت الأزمات وجلسات العلاج والمصحات ويزيد وزن الساحر بشكل ضخم ثم يعاود مرة اخرى وينقصه ويطلق على الصحفيين المتجمعين أمام مصحته عدد من الطلقات النارية ومسلسل طويل وعلاقات بالرؤساء من كاسترو لشافيز لصور مثيرة أزعجت حارسي الفضيلة الذين يردون لاعب الكرة بعد الاعتزال ان يخرج بدروس اخلاقية ولكن ماردونا يخرج بالوشم الجيفارى والسيجار الكوبى





و فى الفترة الاخيرة ظهر ماردونا كمقدم لبرنامج تلفزيونى اسمه " ليلة الملك رقم 10 " فترى ماردونا يستقبل الاصدقاء من الفنانين والاعبيين ويوزع الجوائز فتعرف جيدا من هو ماردونا انه ابن حوارى الارجنتين لم تنجح معه كل المحاولات ليتحول لنموذج المواطن الصالح الذي يعشقه محترمي العالم فهو يصنع ما يحس به ويتحرك ويضحك بصوت عالى يتعامل مع برنامجه كأنه فرح بلدى يحيى فيه زملائه واهله وفى نفس اللحظة تجده يلعب مباراة كرة قدم في الاستديو بمشاركه زميله " كانجيا " وهو واحد من مطاريد اللعبة ايضا فلا تجد اسم كانيجيا يدخل فى ترشيحات أفضل الاعبين فى القرن ولا تجده فى حفلات التكريم التى تجد فيها بلاتنى وبليه وبيكنباور وزيدان

ماردونا يدعم فى برنامجه نوعية الفن التى يعشقها فهو يعشق الفن الشعبى الارجنتينى فيقدم فى برنامجه المطربة " مرسيدس سوسا " وهى سيدة فى الثمانينات من عمرها ظلت تغنى الاغانى الشعبية حتى وهى جليسة لا تقدر على الانتقال واخيرا قررت شركة انتاج اصدار اول البوم لها فالمسيطرين على الانتاج الفنى فى العالم متشابهين تماما ولا برغبون فى انتاج فن يصفونه بالهابط والمبتذل كالفن الشعبى,


يجلس ماردونا اما مرسيدس كطفل يركع امام قدمها وتتناقش مرسيدس فى ازمات عمال القصب وتسريحهم ويستمع ماردونا باهتمام شديد ويدخلون فى حوار لا يحمل الكثير من التنظير اكثر ما يظهر الغضب والالم من حالة العمال المتدهورة وتطلق مرسيدس تصريح مذهل بان الأرجنتين الان اصبحت بلد يمكن الاعتماد عليها ..هذا التصريح العفوى الذى لا يحمل فذلكة لا يخرج الا من ماردونا وأصدقائه وتكتمل الحلقات بغناء شعبى بديع وموسيقى تحمل روح ثائرة وكلمات تلهب قلوب الاصدقاء وليست من نوعيه " على رأس بستان الاشتراكية " الامر هنا مختلف فهو غناء خارج من ثقافتهم ويعبر عن روحهم المنطلقة غناء ثائر على قوالب الفن المحفوظة ...سيظل ماردونا اسطورة ليست كروية فحسب بل اسطورة هذت عروش العالم المحترم الذى ظل يشيد لعقود وجاء الساحر القصير ليهز هذا البناء المحكم .....فيفا ماردونا





بسام مرتضى