Tuesday, April 08, 2008

جنينة الاسماك ..معلبات ومخلوقات محبوسة فى حوض اسماك



فى الفترة الاخيرة وانا ابحث لاهثا عن فيلم سينمائى قادر على جذبى لحالة عالية من التأمل كان الطلب صعب وسط المناخ السينمائى المصرى وشعرت اننى لازلت مستمتع بذكريات سينمائية حتى ولو كانت قريبة ولكنها مجرد ذكريات حتى نزل فيلم جنينة الاسماك للمخرج يسرى نصرالله فى السوق التجارى المصرى ليصنع حالة عالية من التأمل والعنف فى وقت واحد ..جنينة الاسماك فيلم يدور فى فلك ابطال خائفين وفى نفس الوقت لايسقط اطلاقا فى كيتش الحديث عن الخوف فهذا الفيلم لايبحث الخوف كفكرة مجردة او كرمز لحالة نعيشها جمعيا ولكنه يحافظ بلغة سينمائية ملهمة للغاية على فردية ابطالة وتنوعهم فانت ترى اشخاص خائفين يعيشون حياه يومية مليئة بالرتابة والخوف ليكشف عن خطاب فى تقديرى جديدتماما عن مدى بردوة ورتابة حيتانا ، على مدى الخوف الذى نعيشه ويطارنا فى كل مكان فعندما تعيش مع ابطال العمل وكل من يمر من امام الكاميرا ترى هذا الخوف المختلف ترى هذا البطء القاتل الذى نحياه هذا التردد الابدى تحت ستار الاحترام والثبات الفيلم يذهب الى جمهوره المشتركين مع ابطال العمل فى نفس الصفات والسمات يتحدث معهم بندية وعنف يفضحهم ويكشفهم ويبكى معهم فى صرخات مكبوتة ولذلك كان صادما لنا نحن المحترمون المتعلمون المثقفون فهذا الفيلم عنا وليس فيملا يداعب سطوتنا وسيطرنا ويبكى على انهيارنا او عدم تقدير المجتمع لعظمتنا وتاريخنا ولذلك كان من الطبيعى العنف الذى قوبل به الفيلم فى العرض الخاص وغيره من العروض



















جنية الاسماك فيلم يحمل جرأة ملفتة للنظر لكنه لا يحمل اى احساس عنترى تجاه هذه الجراة فلا يخرج عليك بخطابات زاعقة عن تجديده او تكسيره لشكل صناعة الفيلم المصرى ولكنها جرأة ضرورية تماما لطبيعة الفيلم فترى ان ايقاع الفيلم منسجم تماما مع ايقاع ابطاله الهادىء لدرجة البرود ايقاع يشبه حركة الاسماك المحبوسة فى الاحواض كابطاله تماما لا يتخلى عنهم ولا يلهث وراء الاحداث متناسيا احاسيس ومشاعر ابطاله ولكنه ذو طبيعة تأمليه استطاع فيها بحركة كاميرا هادئة وسلسلة ان تنقل لك هذا الحالة التاملية وسيناريو هادىء للغاية ولكنه يحمل عنف والم صعب احتماله هذا البناء الدرامى الخاص يحسب تماما ليسرى نصرالله وناصر عبد الرحمن ...هذا الوعى الشديد بطبيعة الفيلم السينمائى وهذه الروح المتمردة التى تمزج الديجاتيل داخل الشريط السينمائى لتصل بحالة شعورية مختلفة كل هذه يعبر عن مدى روعة هذا المبدع يسرى نصرالله انها جرأة بدون صوت عالى انها جرأة محسوبة للغاية






يسرى نصرالله لازال يمنحنى الشعور بالتأمل لازل يخرجنى من السينما فى حالة من الصمت مستمتع تماما ولكنى مضطرب ايضا و ملىء بالمشاعر والاحاسيس العنيفة على الرغم من السلاسة والهدوء ..عمرو واكد وهند صبرى وجميل راتب وباسم سمرة ومنحة البطراوى وسماح انور ودرة واسر ياسين حتى الفيشاوى الصغير على الرغم من ازمتى النفسية معه ولكنهم كانو مختلفين تماما عن رؤيتى لهم فى السابق على الرغم من تميز بعضهم فى ادورا اخرى ولكنهم هنا دابو جميعا فى شخصياتهم فساهموا فى نقل هذه الحالة التاملية النادرة وتألقوا بشكل كبير عند مخاطبتهم للكاميرا وشرح ادوراهم ..المصور سمير بهزان موهبة لاتزال متوهجة وطازجة على الرغم من الخبرات المتراكمة وملابس ناهد نصرالله معبرة للغاية ومتخلصة من أفة الديفليهات التى اصابت ناهد فى العديد من الافلام السابقة وتامر كروان سينمائى يصنع موسيقى فهو يفهم تماما الفيلم ويعيش مع ابطاله



الاخير هو السيناريست ناصر عبد الرحمن صاحب الثلاثية فى الفترة الاخيرة بداية من هى فوضى ثم حين ميسرة واخيرا جنينة الاسماك وكان له فى السابق رائعته مع يسرى ايضا المدينة.. ناصر بالفعل يحيرنى بشدة كيف يمكن لشخص ان يكتب هذه الاشياء مجتمعة كيف يمكن ان يكتب هذه الرمزية الفجة فى فوضى وهذا السيناريو المفكك والسطحى فى تقديرى فى حين ميسرة ثم يكتب سيناريو مختلف وتاملى بهذا الشكل اتهمه البعض بالكتابة بالطلب ولكنى لاارى اطلاقا ان ناصر ترزى سيناريوهات فهو شخص اصدق من ذلك بالفعل من خلال اعماله ولكن لازلت عند حيرتى حتى قرءات هذا الحوار مع يسرى نصرالله فى الاهرام وبالاخص هذه الفقرة التى اعتقد انها توضح لى الكثير

ماتقصد بعنوان جنينة الأسماك بالذات؟
يسرى نصر الله : ـ اقترح المؤلف ناصر عبدالرحمن سيناريو عن طبيب تخدير تحول لمدمن وانحدر اجتماعيا من شخص ناجح لفرد مغيب‏..‏ وقال أنه قرأ في مجلة ميكي ان ذاكرة السمكة‏7‏ ثوان‏,‏ وكان اسم الفيلم ذاكرة سمكة وقد استهوتني القصة ولم تستهوني مسألة انهيار الطبيب فتركتها‏.‏ وفي حفلة عند بعض الاصدقاء فوق جنينة الاسماك وكانت الجنينة منورة ورأيتها من فوق وكأنها مخ مرمي في جنينة وحضرتني وقتها كل تفاصيل سيناريو الفيلم‏,‏ وكلمت ناصر وقلت له‏(‏ جنينة الاسماك‏)‏ وفكرنا في المذيعة وتلاقي عالمها مع عالم الطبيب بسطوته علي الناس من خلال حواديتهم ومذيعة تسمع أسرار الناس بالليل ولاتكشف عن شخصياتهم - الاهرام 4 – 2 - 2008

دائما تجد الفارق مع يسرى نصرالله دائما هو يفى بالوعد فهو يصنع سينما تحترم ذكائك بالكامل تتعامل معك بندية دائمة فهو يعبر عن الاشياء كما يحسها ويشمها


.....................................
بسام مرتضى