Sunday, April 29, 2012

لماذا تذهب السينما للمحكمة؟.. فخ أبو الفتوح و"المدنيين




جاء  الحكم الذي صدر بحق الممثل عادل إمام بالحبس ثلاثة أشهر والغرامة بتهمة اذراء الدين الاسلامي فى أفلامه، والذي استند لجمل حوارية جائت على لسان شخصيات درامية بالفيلم، وتزامن معها دعوى قضائية اشترك فيها عادل امام مع فنانون أخرون وهم السيناريست وحيد حامد ولينين الرملي والمخرجون شريف عرفة، محمد فاضل ونادر جلال. ليصنع حالة حراك قضائية تشهدها السينما المصرية، ويعيد  فتح باب الجدل حول حرية السينما وحرية الابداع، لنتصدر مرة أخرى كل برامج التوك شو وكل الحوارات على مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن كيف دار الجدل؟ هنا نحن امام حادثة تحتاج منا للتأمل والتسجيل لان الأيام/السنوات القادمة ستحتاج منا إعادة فتح هذه الملفات.

نظرا لطبيعة رافعي الدعوة والذي ينتمون لما يمكن ذكره مجازا بالتيار الاسلامي أنصب الامر بشكل عفوي في أوقات -ومتعمد فى أوقات أخرى- فى الهجوم على "طيور الظلام" من المتاجرين بالدين والذين يشكلون غالبية نيابية تجعهلم فى وضع متخذي القرار، وتوجه الغضب والنقد لكل ما هو ينتمي -أو كان-  للتيار الاسلامي في يوم، لنصنع فسطاطين –بحسب تشبيه فنان «النور» نادر بكار- مرة أخرى، فسطاط مدني يجمع في عضويته  كل من هم دون اللحى الطويلة ، فقط هذا هو الشرط الذي تحصل فيه على عضوية هذا الفسطاط، في مواجهة الفسطاط الديني الذي يجمع فيه مزيج من أطوال اللحى والتسريحات المختلفة، بهذا التبسيط المخل اصطف الجميع فى المعركة، حتى خرج تصريح المرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح والممزق في تصنيفه ما بين المشروع الاسلامي وقوى الثورة والذي جاء نصه كالتالي:


 الإسلام أعز من أن يتم ازدراؤه من أي شخص أيا ما كان.. ومجابهة الرأي حتى لو اختلفنا معه بالحوار المجتمعي لا بسلطة الحكم،  إن اللجوء للقضاء يجب أن يكون أخر السبل.




هذه التويتة التي نقلت مستوى الجدل لمستويات جديدة، ومع تحليل كل كلمة ذكرت فى التصريح/التويتة انطلقت صيحات الغضب من تصريحات المرشح الذي كان ينتمي لجماعة الأخوان المسلمين، تحت دعاوي انه يرسخ لفكرة اللجوء للقضاء كحل حتى لو تركه لنهاية الرحلة، وصولا بتحليلات تري ان الحوار المجتمعى الذي ذكره المرشح لا يختلف فى مضمونه عن مفهوم "الاستتابة" وفي حال فشلها نلجأ للقضاء، بالتأكيد لا أحتاج أن أؤكد اني ضد من الاساس ان تذهب السينما للمحكمة، ولكن هل يختلف من يدعي انه يشاركنى الشعار كثيرا عن وجهة عبد المنعم أبو الفتوح؟. الحقيقة ان التجارب التي عايشناها بالسينما  فى مصر تثبت لنا ان المحك الحقيقي في قضايا حرية الابداع تكشف عن رجعية متأصلة، ليست الخلفية الفكرية هى المعيار الرئيسي فيها، فكثير ممن يفضلون تسمية نفسهم "قوى مدنية" يرون في اللجوء للقضاء حق أصيل للجميع فى مواجهة أى شيء، ودعونا نتذكر ملفات الكثير من القضايا التي ذهبت بالسينما لساحات القضاء تحديدا فى فترة ما قبل الثورة، فتجد ان الاطباء أخذونا لساحة المحاكم بتهمة اهانة الاطباء، والمحامين اخذونا من قبل للمحاكم بتهمة إهانة المهنة، والصحفيين والممرضات والازهر والكنيسة ومرتضى منصور، الخ الخ.. الذاكرة لاتنسى زملاء أعزاء قدموا بلاغات للنائب العام تطالب بمصادرة كتب تحت دعوى إذراء الدين الاسلامي ونشر الخرافات. والذاكرة لاتنسى نقاشات علنية لزملاء حقوقيون -من خلفيات مدنية- عن رفع قضايا ضد افلام تهين المرأة وتسلعها من منطلق الدفاع عن المرأة، ومجموعات أخرى تهب للدفاع عن الاقليات الدينية واخري للدفاع عن النوبين من العنصرية والتنميط فى السينما.


‎ هذه النقاشات خرجت منها وجهات نظر عطلت رفع الكثير من القضايا كانت ترى اننا يجب علينا اللجوء للحوار المجتمعى أولا قبل الذهاب للمحاكم، انا سمعت فين الجملة دي قبل كده!!، نفس جملة أبو الفتوح العائمة التى سأظل في مواجهتها تحت شعار وحيد، لماذا تذهب السينما-أصلا- للمحكمة؟، الاعزاء هواة الدخول للمعارك في خنادق ذات عنوانين واضحة، اعذروني من جديد الأمر ليس بهذا الوضوح. أن غالبية القوى المشهورة إعلاميا بالمدنية لا تختلف في رجعيتها ومحافظتها عن القوى المشهورة إعلاميا بالدينية، الاختلاف فقط يأتي في كونك تصدرت للدفاع عن من، الاختلاف كونك أخترت العمل كبودي جارد على السينما لحساب من. مشروع حرية والسينما والابداع لايزال مضبب فى كل المشاريع السياسية للجميع، وللحق لايستطيع شخص أن يأخذ نقاط على حساب أخر فى مدي حريته وتفهمه.





‎سنواصل نحن معاركنا التي نعلم انها تحتاج الكثير من الوقت والجهد، سنواصل دون رعب من تهديد لأمان زائف يقدمه لنا حفنة من الرجعيين لا يختلفون كثيرا الا في الملبس وفى المفردات، وارجوكم لا تحدثوني عن نية الرجل ونية الرجل الاخر، فالمحكات أكدت لنا مرارا ان التشابهة فاضح، وانني سأعمل معكم –سويا- على إفشال و تصحيح هذه المسارات الرجعية في مشاريعكم. ولماذا تذهب السينما -أصلا- للمحكمة.

.....................................................
بسام مرتضى

Wednesday, April 25, 2012

Traps within feminism activism





Many of my friends asked me to reflect on Mona el Tahaway article “Why do they hate us",http://bit.ly/IfDGf5 ,published in the Foreign Affairs, which have starred lots of public debate this week. Mona’s article was published in a time where, I have been in a process of critique to the different visions and approaches different feminists groups adopted since the revolution of the 25th of January. I argue that there are four main traps most of the feminists groups felled in as follows:

Gender vs. sex
One of the most dangerous traps opinion maker’s fell in when trying to promote women's issues is generalization. Assuming that all women have the same needs and consequently will act and follow the same approaches in life. This is one main reasons for why some of feminist approaches fail to relate to daily women's aspirations, challenges, and sufferings.

For many years, feminist schools did not tackle “masculinities” within feminist theory because of the assumption that feminism is only about women and not about deconstructing gender power and relationships. Considering "patriarchal" concepts as the main obstacle of achieving freedom, dignity and happiness for women without understanding their contexts and realities in their societies.

Love/hate relationship
The love/hate relationship is another trap within approaching women/men relationships. Promoters of this argument are trapped in taking the private to the public, falling into the dichotomy of do they love us or do they hate us?

Taking the Love/hate question from the private to the public ignores other crucial factors affecting women's status in their societies, such as race, socioeconomics, accessibility to resources, and visibility. These factors are important in determining the nature of relationship between women and Men in the public sphere. The power relationships have no place in the love\hate relationship analysis. Love/hate relationships are for personal relationships and generalization for it for all gender.

Who represents women?
Feminists fell in is their attempt to use personal stories to support their argument. The challenge in this approach that the recipients does not particularly and shall not relate to these stories the same way as the feminists wants. Where others can also bring collective stories and claim that this also represents women’s utopian life they desire, this clearly happens when middle class women in Egypt tries to enforce their aspirations and visions as representative of all women.

People have the right to relate to their own personal experience and live in dignity. Our lessons learnt are that no one is representative to all Egyptian women.

Militarization of the state vs. Islamization of the state?
The last trap that feminists fell in since the revolution was answering the question: Who is our main enemy “Militarization of the state” or “islamization of the state”?

This dichotomy has been monopolizing feminist’s discourse and approaches. Promoters of that Militarization of the state believed that Islamization is the first enemy, while militarization could act as a protector of the civil state and women’s rights.

 I would argue that for feminists to promote their believes they have to believe in a third road. For me as a feminist activist, referring to the so called "Islamic laws " and using them to scare the public does not particularly help feminism. But rather deprived them more from the street.
 
Once the so called “Islamic Law” is codified  as law. For us as feminist activists we have the tools to change these laws and it is different than having a military rule, trying to engendering  women roles and closing the door for their existence in the public space as citizens aspiring freedom and dignity.

I would like to end my intervention by reminding all feminists women have the multiple identities and are multilayered. And for activists to succeed in changing their societies to the netter they have to relate to the women aspirations and needs. And agai I want to remind all of us that feminism is about choice! 

Monday, April 23, 2012

انا عايز أساعد "أبو الفتوح" لكن محتاج "أبو الفتوح" يساعدني


أنتظرت الفترة الماضية حتى تنتهي الفترة الضبابية التى شهدتها مرحلة الترشح للانتخابات الرئاسة المصرية، هذه الفترة التي انطلق البعض يطلق تحليات عامة ونهائية لاحداث كانت تتغير كل نصف ساعة، انتظرت حتى اعلنت الكشوف النهائية للمتنافسين.
منذ البداية وأنا أفضل أن أدعم "عبد المنعم ابو الفتوح" كرئيس لفريق  ممثل لقوى الثورة نخوض معه معركة انتخابات الرئاسة، أسباب هذا التفضيل كانت عديدة ولكن ابرزها كانت الشراكة التى كانت ما بيننا على مدار العام الماضي في فاعليات الثورة والتى وصلت قمة ذروتها في احداث محمد محمود " 2"، عندما تم طرح مباردة حكومة الانقاذ الوطني -مجلس رئاسي في ادبيات أخرى- والتى وضع البرادعي في الرئاسة ووضع ابو الفتوح كأول اسماء النواب، الواقع كان هناك "شبه" توافق على أسم الرجل كنائب، والمنطقى والبديهي انه فى حالة اعتذار الرئيس يقود النائب هذا الفريق، لم اكن أخدع ابو الفتوح اطلاقا عندما دعمت كونه نائب للبرادعي في هذه المرحلة، كنت اعي تماما انه يحمل مشروع سياسي يختلف عن ما أحمله ولكن كنت على يقين انه "يدرك معي اللحظة الفارقة" وان التشكيل الذي تضعه قوى الثورة الان هو متنوع ومختلف ولكنه قائم على اساس واحد وهو مناخ عام أكثر حرية ورحابة، باختصار فريق يؤسس لمجال عام قائم على الشراكة والاختلاف ويعتبره مصدر قوة.



على  رغم من محاولتى مساعدة هذا الاختيار لكنى احتاج كثيرا ان يساعدني هذا الاختيارنفسه، احتاج ان يعطنى ابو الفتوح القدرة على مساعدته والدفاع عن هذا الاختيار الشائك نظرا لتاريخ الجماعة التى "كان" ينتمى لها الرجل، لا احتاج منه ان يساعدنى بالاعلان انه سيتركنى اصنع افلاما بحرية، او انه لن يغلق أماكن تجمعي وسهري فى وسط البلد، باختصار لانه -ولا غيره- لايستطع الاقتراب من حرية "الهامش" الذي كنت اعيش فيه فى ظل نظام مبارك، غير انه وبدون معركة اذا كان هذا كل ما يقدمه لي أبو الفتوح فموسى وشفيق وحتى مرسي يقدمون لي نفس "الاوفر". ولكن ما اريده من أبو الفتوح اكبر من ذلك بكثير، اريد منه ان يظل محافظا على ثوابت اتفقنا عليها العام الماضي، والتى تتمثل في مجال عام اكثر حرية لا هامش أكثر حرية، والحرية هنا تضمن لاكبر عدد ممكن من المواطنين التعبير عن ذاوتهم داخل المجال العام وليس فى قوالبهم الاجتماعية وبشروط هوامش مبارك، الثاني هو عدالة اجتماعية يعتبر الحد الادني فيها هو الحد الادني للاجور، ولكنها عدالة تضمن للطبقات المهمشة والفقيرة تمثيل افضل وقدرة على المشاركة في صياغةالسياسات والقوانين التى تخص حياتهم وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، احتاج منه ايضا ان يحافظ مشروعه على الصورة الذهنيةللميدان، الصورة المعتمدة بالاساس على الاختلاف والتنوع وعلى اعادة استكشاف الاخر ومشاركته، باختصار الجميع يحاول تقديم هذه الصورة فى اعلانات عالية الجودة، فتجد المحافظة والمتحررة والشاب والشيخ والرجل والمرأة والعامل والفلاح ورجل الاعمال وصاحب الشعر الطويل وصاحب الدقن الطويل ولا ننسى شركاء الوطن في كل إعلان بصليب كبير يظهر على صدر سيدة، الحقيقة ليست هذا الصورة المبتذلة التى اريد من ابو الفتوح تقديمها اذ كان يريد حقا المشاركة، اريد منه ان يتحول مشروعه الرئاسي لمشروع قادر على التفكيك والربط من جديد يصوغه معه قوى اجتماعية وسياسية مختلفة وان يعلن هو هذا دائما دون مواربة، هل يصنع أبو الفتوح هذا؟، نأتي هنا لمربط المشكلة، يصنع ابو الفتوح هذا فى أماكن يعلم ان غالبية الحضور متحررة النزعة ولكنه فى أماكن أخرى يصنع خطاب يجعلنى غير قادر اطلاقا على مساعدته، مثلا حوار أبو الفتوح فى قناة "الحافظ" تكلم ابو الفتوح بفخر عن اكتساح التيار الاسلامي فى السبعينات للتيار اليساري والحاق الهزائم الساحقة به، قبل أن "يكذب" وهو يتحدث عن دكتورة السياسة والاقتصاد اليسارية التى تعمل فى حملته وتفكر جديا فى ارتداء الحجاب والالتزام، هذا الكذب/التجمل يضعنا أمام ورطة جميعا، فالرجل يطمئن اتباعه بأننا جميعا مشروع للهداية وان الشراكة التى نتغني بها نحن ليست الا مرحلة حتى يستقر الايمان فى قلبونا. الحقيقة اريد مساعدة شخص شجاعا قادر على فرض اختيارته على الجميع وقادر على فرض مشروع الشراكة وقادر على الاعتراف ان ما حدث ما في أواخر يناير من عام 2011 اجبرنا جميعا على اعادة الحسابات وعلى فرض واقع جديد. الحقيقة انا لا أبحث عن الوجه الليبرالي لابو الفتوح، لاني من الاساس لست ليبراليا، ولكن اريد فك الضبابية المفتعلة التى تحوم مشروعة السياسي والاجتماعي.





اخيرا فيما يخص شباب حملة أبو الفتوح وأتكلم هنا عن زملاء أعزاء شاركونا نضال ابعد كثيرا من نضال العام الماضي، فمنهم من تعرفت عليه فى بداية الالفية مع الانتفاضة واخرين مع غزو العراق والغالبية فى فترة حراك 2005  ، وعدد كبير منهم كنا نتشارك فى انتقاد تجربة محمد البرادعي بعنف وكنا ننتقد تحركاته السياسية وننصحه بأخذ مواقف نراها اكثر رديكالية، فلماذا الان تضيقون ذرعا بكل انتقاد لابو الفتوح متهمين اى هجوم اما بالغباء والطفولة او بالعمل لمصلحة مرشح العسكر الخفي، الحقيقة ان كثير من انتقاداتنا لمحمد البرادعي -علي سبيل المثال- جائت بثمار نسبيةوكنا قادرين على الاتصال الدائم بالرجل على الرغم من كوننا لم نكن ضمن حملته الرئيسية، ولكن هل تحملون نفس التواصل مع ابو الفتوح ام فقط تتفرغون لتصفية أى هجوم عليه. الغريب ايضا انكم في سيل الدفاع عنه تضربون كل المرشحين الاخرين بما فيهم مرشحي الكتلة الثورية "ان جاز التعبير"، وهنا السؤال هل لو كان ابو الفتوح لاي سبب لم يتمكن من خوض الانتخابات الم تكن غالبيتكم ستدعم صباحي او خالد او حتى البسطاويسي، ولماذا التوقع، ألم يكن منكم من أقنع البسطاويسي بالعودة؟. الاعزاء انتم الاقدر-أكثر من الرجل- على مساعدة الرجل، انتم الاقدر  على فرض المشروع الذي اتقفنا عليه بشكل إرادي في العام الماضي، ولا ترضوا بمشروع يفرض علينا حتى تحت دعاوى افضل "الوحشين"، لن نرضي بالسييء ولكننا سنقومه ونجعله مرن حتى نستطيع التعامل معه واذا رفض ذلك فنسعود لنفكر معا في اكثر الحلول البديلة مرونة. سويا لن نخفي شيئا وسنحاسب اى شخص او جهة بعنف -كما اعتدنا- لو كذب أو ضل الطريق.

ملحوظة ختامية
اتمني ان يزيل لقب دكتور الذي يسبق أسمه فى حملته الانتخابية، فانا أملك حساسية مفرطة من هذا الزهو بالالقاب بداية من الدكتور علاء صادق مرورا بالدكتور البرادعي والمهندس خيرت انتهائا بالدكتور باسم يوسف.
 
رابط للقاء أبو الفتوح مع القناة الحافظ، بالتأكيد انصح الجميع بمشاهدته كاملا ولكن ما ذكرته في الفيديو منذ الدقيقة العاشرة.
http://www.youtube.com/watch?v=hgWJRuVOyDc&list=UUQpLme0GRI0L8MRC_d2aSrA&index=9&feature=plcp&fb_source=message
 
.............................................................

بسام مرتضى

Wednesday, April 18, 2012

فنان أفريقيا محمد وردي.. خوجة النوبة صانع النضال والبهجة






في مساء ليلة سبت هادئة في ١٨ فبراير ٢٠١٢، توقفت للحظات إيقاعات نوبية ممزوجة بأتغام سودانية أبهرت ل ٦٠ عاما جمهور أصيل انتجته قارة غنية بمبدعيها، في العاصمة السودانية توقف الايقاع بتوقف دقات قلب محمد وردي فنان أفريقيا الأول آو كما لقبه عشاقه "قمر بوبا" عن عمر يناهز ٧٩ عاما




ولد «وردي» في أرض النوبة عام ١٩٣٢، قبل أن يفقد والده بعد عشر سنوات، عمل مدرسا في النوبة وأصبح ناشطا نقابيا بعدها أنتقل للعاصمة الخرطوم في نهاية الخمسينات ليمتهن فن الغناء، وليبدأ في صنع مزيج موسيقى فريد جمع بين الات النوبة التي تربي عليها والألحان السودانية، تربى وردي في بيئة إجتماعية مهمشة أخرج منها طابعا موسيقيا قائم علي بث روح نضالية تأخذ من البهجة والإنتصار مرتكزا لرفض الفقر المتعمد والتهميش، ، وفي نفس الوقت ظل عاشق رومانسي يكتب الشباب كلماته في غزل الحبيبة . تعلق وردي بالحركات الاجتماعية والاشتراكية التي إجتاحت العالم في بداية الخمسينات ليعلن عن انحيازه الفكري والموسيقي في أغانيه، ويعبر عن أبناء منطقته بإخلاص موسيقي قبل أن يكون إخلاص أيدلوجي. فدافع بأغانيه عن تهجير النوبيين من منطقة وادي حلفا بسبب بناء السد العالي في عام ١٩٦٤، فكان خصما للرئيس العسكري إبراهيم عبود ومناضلا ضد سياساته حتى أطاحت به ثورة أكتوبر الشعبية في نهاية ١٩٦٤ ، لتظل كل الاحتجاجات في السودان وخارجها ليومنا هذا تردد كلمات أغاني وردي وإيقاعه، فتجد على «اليوتيوب» احتفالات ليبية بتحرير سجناء «أبو سليم» على ايقاعات وردي :

أصبح الصبح… فلا السجن ولا السجان باق
وإذا الفجر جناحان يرفان عليك وإذا الحزن الذي كحًل هاتيك المأقي





ومع سيطرة النميري علي مقاليد الحكم وقف «وردي» في البداية مناصرا أملا في تخطي ظلم النظام السابق، قبل أن يعود سريعا للالتحام بالمعارضة الشعبية السودانية بأغانيه لينتج الكثير من الأغنيات الثورية والنضالية التي ألهبت حماس الحركة الطلابية السودانية والتي بسببها دخل المعتقلات السياسية في عهد النميري، الخطأ والتجربة والانبهار الطفولي بأي تغير كان من سمات حياة «وردي» ليس فقط في الموسيقى ولكن في انحيازاته وتوقعاته، لكن العودة دائما كانت في ثوب أكثر عمقا وتجذير. كالعادة يسقط النميري في ١٩٨٥ ويأتي عمر البشير لإدارة البلاد ليقرر فنان أفريقيا الرحيل في منفى اختياري لمدة ١٣ عاما قضى معظمهم في القاهرة، ظل معهم مغترب الجسد ولكن روحه وإيقاعه تشكل جيل سوداني يحلم بالحرية والعدالة. ولم يتمكن جمهوره في منفاه الإختياري «القاهرة» أن يتعرف عليه وعلى فنه بسبب تجاهل كل وسائل الإعلام لفنان أفرقيا. وعلى الرغم من انه يكفيك مشاهدة احد فيديوهات إبن النوبة في حفلة استاد أديس أبابا الشهيرة لتعلم حجم شعبيته ونجمويته، ولكنه يكمل في إخلاصه الدرامي لمنطقة الميلاد، مهمش منسي لا يتذكره هنا إلا أبناء الطايفة، ليظل شرط الاعتراف بوجودك مقترن بصعودك شمالا أو نزوحك جنوبا.

ذبني وزيد عذابك يمكن قلبي يقسى زي مانساني قلبك يمكن قلبي ينسى
عذبني وتفنن في ألوان عذابي ماتمسح دموعي وما ترحم شبابي




تعامل وردي مع الكثير من الشعراء السودانيين علي رأسهم محمد الفيتوري وعبد الرحمن الريح وعمر الطيب الدوش، وأحتفل في ٢٠١٠ بيوبيله الذهبي في الغناء، بعد أن أستطاع آن يحقق شعبية وصلت لقلب كل عاشق لموسيقى القارة السمراء، و يترك وراءه تراث موسيقي يزيد عن ٣٠٠ عمل غنائي يصعب معه أن نشعر للحظة بأفتقاده، وقفت الموسيقى لحظات للحداد ولكنها سريعا ما عادت لتخلد ذكرى محمد وردي।


تابعوا يوم التدوين عن النوبة في ذكرى التهجير، علي تويتر هاشتاج #نوبة
..........................
بسام مرتضى